فرعون وهامان العصر الحديث /عبد الناصر بن عيسى

24 يونيو, 2025 - 01:23

يتعامل الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، منذ بداية الحرب الإيرانية- الصهيونية، كأن الكرة الأرضية قطعة في مزرعة أبيه، وكأن ما فيها من إنس، هو ضمن زمرة غلمانه وجواريه. وقصفه مواقع نووية إيرانية وتباهيه بتدميرها، وتهديده بقتل مرشد ديني آمن في بلاده الآمنة، وتحذيره بمزيد من الدمار لإيران في العلن، وليس في السرّ والكتمان، هو دليل على أن الرجل الذي صار يحمل حقيبته ويجوب بلاد الخليج لجمع القرابين “التريليونية”، إنما امتلك الأرض فعلا، وباشر تقسيمها كما يريد، والعبث فيها كما شاء، من دون اعترافه بقوانين بلده “الكونغرس”، فما بالك بالقوانين الدولية “الأمم المتحدة”.

الرجل لم يفاجئ أحدا، فقد قالها مرة ولم يكن حينها رئيسا، عندما لم تعجبه خارطة الكيان بصغرها، فوعد بتوسيعها، ولا أحد سأل عن جغرافية التوسيع، وكان في كل مرة يصف النظام الإيراني بـ”الشر” الذي لا بد من اقتلاعه من الوجود، ولا أحد استفسر عن طريقة القلع، ومدّد منذ أن عاد إلى البيت الأبيض قدميه “النتنتين”، على وزن “نتنياهو”، و”مقاس 47″، في بقية البيوت، بـ”تفرعن” و”تربّب” وتجبّر لم يشهد له التاريخ مثيلا.

ما كان لتحرُّك باكستان أو الصين من تفسير، إلا أن بعض البلاد فهمت أن الذي يصيح: “أنا ربكم الأعلى”، إنما لا سقف لتفرعنه، وسيأكل كل الثيران.. ولو في الصين.

حتى الذين ظنوا أن مئات الملايير، التي أعطوها للشيخ ترامب ذات زيارة “إقطاعية” قام بها إلى دولهم، لن يمسسهم بسوء، لا يعلمون، وربما يعلمون، بأن المهووس بداء العظمة، سيطلب منك المال والعرض وينتهي بالأرض وإذا جفّ ضرع البقرة، “نفطها”، ذبحها، ودونالد ترامب الصريح كان قد قالها مرة، وهو في كامل قواه العقلية.

في السرد التاريخي لقصة فرعون ووزيره هامان، لم تكن السيطرة والأمر والنهي دائما في يد فرعون، وإنما كان هامان في الكثير من الأحيان، هو من يورط فرعون ويستعمله، بدليل ذكر القرآن اسم هذا “الوزير”، المتصهين في عدة آيات، كذلك نتانياهو، يبدو أحيانا في بلاط ترامب وزيرا غير مالك، ولكنه في الحقيقة هو من يجرّ ترامب ليقول وليفعل.

ليس من اللائق أن نتحدّث فقط عن الطغاة، ولا نتحدث عن المقهورين، وأن نحمّل الطاغية فقط تبعات طغيانه، ونضع المقهور في صف البريء، فالقوة أحيانا تبنى على أنقاض الضعف، ولو لم يجد الطاغية شعوبا لها قابلية للاستعمار، ما بنى لنفسه إمبراطورية، وترامب كلما وجد بابا موصدا وطرفا متمسِّكا بمبادئه، أغلق الباب ومعه ملف تلك البلاد.

قوة الصهيونية في ضعف العرب بين ضائع وخانع وخاضع وجائع و”صايع”، وقوة ترامب في عالم بين صمت وكبت وسحت وموت، فالذي يحاول أكل إيران، لا مشكلة عنده أن يأكل بلاد الهند والسند.

يقول الحاخام الصهيوني يعقوف بيران: “مليون عربي لا يُساوون ظفر يهودي واحدٍ”.

ويقول ميناحيم بيغن الصهيوني: “اليهود أسياد العالم، نحنُ اليهود آلهة على هذا الكوكب، نحنُ نختلِف عن الأجناس السُّفليّة مثل اختلافهم عن الحشرات، وفي الواقع، إنّ الأجناس الأخرى مُقارنةً مع جنسنا تُعتبر بهائم وحيوانات، أوْ ماشية في أحسن الأحوال”.

ويقول الحاخام الصهيوني يتسحاق شابيرا: “يحّق قتل مَنْ ليس يهوديًّا، ولو كان من خيار الأمم الذين ساعدوا اليهود، إذا تواجد هذا الشخص في مكان تعرّض فيها حياة اليهود للخطر”.

قاموس أقوالهم الموثقة والمطبقة كبيرٌ جدا.

وقاموسنا إلى حد الآن.. فارغ.