
الاستبداد وسوء التسيير من جهة ومساعي التفكيك والانقسام من جهة ثانية : دعوة لتضافر جهود القوي الوطنية لمواجهة التحديات الكبرى
تمر موريتانيا اليوم بمرحلة دقيقة من تاريخها، حيث تتشابك الأزمات الاقتصادية والاجتماعية مع تصدعات بنيوية تهدد وحدة النسيج الوطني. فواقع الاستبداد والفساد الذي ينتج الغلاء والعطش والمرض بات يثقل كاهل المواطن، وسط تفاوت إقتصادي صارخ بين أقلية من المتنفذين تحتكر كل الامتيازات وغالبية الشعب التي تكافح من أجل العيش الكريم.
وفي موازاة ذلك، تتنامى الخطابات الشرائحية والعرقية، التي تستغل بعض المنابر لتغذية النزعات الفئوية، في ظرف تشهد البلاد هجرات كثيفة غير مسبوقة بمساعي حثيثة وفق أجاندات أجنبية مدفوعة بالطمع في الثروات والمقدرات الاقتصادية الموجودة في بعض الأحيان وبالانتقام والعداء المبدئي في أحايين اخري .
إن مواجهة هذه التحديات ذات الأبعاد المتعددة يتطلب مقاربة شمولية تستهدف العمل علي تحرير الوطن من قبضة الاستبداد والنهب والفساد و تعزيزاللحمة الوطنية والوقوف في وجه الدعوات الشرائحية والعنصرية وفق رؤية شمولية لا تهمل جانبا من جوانب الأزمة بحجة مواجهة جانب آخر.
فالوطن وحدة متكاملة لا تتجزأ، فالتعامل مع التحديات لا يحتمل تجزئة الأولويات أو اختزال الأزمة في بُعد واحد. فلا تنمية ممكنة في ظل الانقسام والتوتر، ولا وحدة قابلة للإستمرار في ظل الفقر والتهميش. فمواجهة الأزمات الاقتصادية لا تنفصل عن صيانة السلم الأهلي وتعزيز الهوية المشتركة.
ومن هنافإن الواجب الوطني يفرض على كافة القوى الحية-من نخب فكرية، وقوى سياسية، وفاعلين مجتمعيين -التكاتف والعمل معا من أجل بناء شراكة وطنية حقيقية قائمة على الوعي والتآخي والتعاون والانفتاح، فذلك هو السبيل الأنجع نحو موريتانيا موحدة،قوية بانسجام شعبها ، عادلة في توزيع خيراتها، آمنة في وطنها.