مراسلون بلا حدود" تُحذّر من انقراض الصحافة المستقلة في الجزائر واستمرار اعتقالات معارضي النظام في تونس والمتابعات القضائية في المغرب

6 مايو, 2024 - 19:03

رسمت منظمة "مراسلون بلا حدود"، صورة قاتمة حول وضعية الصحافة في دول المغرب الكبير الذي بات المنطقة الأخطر في نسخة 2024 من التصنيف العالمي لحرية الصحافة، كنتيجة لحملة الاعتقالات والضغوطات السياسية التي تمارس على الأقلام المنتقدة لزعماء كل من الجزائر وتونس، مقابل استمرار الملاحقات القضائية في حق الصحافيين المغاربة.

وجاء في التقرير السنوي لمنظمة "مراسلون بلا حدود"، أن منطقة المغرب العربي والشرق الأوسط هي الأخطر في نسخة 2024 من التصنيف العالمي لحرية الصحافة، وتليها منطقة آسيا والمحيط الهادئ حيث تختنق الصحافة تحت وطأة الأنظمة الاستبدادية، أما في أفريقيا، فرغم أن حرية الصحافة توجد في وضع "خطير للغاية بأقل من 10% من دول هذه المنطقة، إلا أن الوضع "صعب" في نصف بلدانها تقريباً.

       

وذكر المصدر ذاته، بأن الصحافة المستقلة في الجزائر مهددة بالانقراض بحيث يعاني الصحافيون في البلد الأمرين بين مطرقة الاعتقالات وسندان الضغوط السياسية هو ما جعل الجمهورية تتمركز في المرتبة 139 عالميا، لافتة إلى أن هذا النموذج المعمول به في البلد بات مصدر إلهام لحكومات أخرى في المنطقة العربية على غرار الأردن ولبنان ومنطقة الشرق الأوسط عموما، 

التي باتت لا تتدَّخر أي جهد لتشديد قيودها على الحق في الوصول إلى المعلومات، إذ تلجأ الحكومات الخليجية إلى مختلف الأساليب للتجسس والسيطرة على الحقل الإخباري، ناهيك عن اعتماد تشريعات تقييدية وسالبة للحرية في كل من الكويت المتمركزة في المرتبة 131 ولبنان.

هذا، وتضم قائمة أكبر عشرة سجون للصحفيين في العالم خمسة دولا من الشرق الأوسط، وهي إسرائيل والمملكة العربية السعودية (المرتبة 166) وسوريا وإيران (المرتبة 176) – التي حافظت على مكانها في مؤخرة الترتيب - حيث تنتهج سلطاتها سياسة قمعية واسعة النطاق.

أما في مصر (المرتبة 170)، فإن الإفراج عن عدد قليل من الفاعلين الإعلاميين - بفضل الضغوط الدولية أساساً - يؤكد مدى تأثر سلامة الصحفيين بمجرى المصالح السياسية، والشيء نفسه ينطبق على اليمن (المرتبة 154)، حيث أُطلق سراح مجموعة من الصحفيين الرهائن بعد المصالحة بين إيران والمملكة العربية السعودية.

هذا ويتعرض الصحفيون لشتى أنواع الضغوط من السياسيين في كافة دول المنطقة وغالباً ما يدفعون ثمن الاستقطاب السياسي، كما هو الحال في العراق (المرتبة 169)، أو في تونس التي تحتل المرتبة 118 عالميا، بحيث نبه التقرير الخاص بمنظمة "مراسلون بلا حدود"، إلى الاعتقالات والاستجوابات التي تطال الصحفيين الذين ينتقدون كيفية استيلاء الرئيس على السلطة منذ عام 2019، في سيناريو يعيد إلى الأذهان فترة ما قبل الثورة.

وأشارت المنظمة المذكورة، إلى السلطات في مختلف دول المنطقة باتت ترسم خطوطاً حمراء على نحو متزايد، حيث تفرض رقابة خانقة على مجموعة من المواضيع أو تملي على وسائل الإعلام كيفية تغطيتها. فسواء تعلق الأمر بالحروب أو قضايا الفساد أو الجرائم المالية أو الأزمات الاقتصادية أو وضع المرأة أو مسألة المهاجرين أو القضايا المتعلقة بالمجموعات العرقية والأقليات الجنسية، فإن هامش المواضيع "المسموح" بمناقشتها في وسائل الإعلام يضيق باستمرار في المنطقة.

وبخصوص المغرب، فقد أفادت منظمة "مراسلون بلا حدود"، بأن المؤشر السياسي قد ارتفع إلى المرتبة 129، وذلك مردُّه أساساً لعدم وجود اعتقالات جديدة، قبل أن يستدرك التقرير المذكور بالقول: " لكن هذا لا يمكن أن يقلل من هول دوامة القمع الجاثم على صدور الفاعلين الإعلاميين، والذي يتَّخذ شكل الملاحقات القضائية بالأساس".

ولاحظت "مراسلون بلا حدود"، أن الضغوط السياسية على الصحافة في العالم، ازدادت في حين أن نصف سكان العالم معنيون بانتخابات خلال السنة الراهنة، محذرة من أن ظروف ممارسة مهنة الصحافة سيئة في ثلاث أرباع دول العالم.

وتبقى النروج متربّعة على صدارة التصنيف الثاني والعشرين لحرية الصحافة، في حين تحتلّ إريتريا المركز الأخير (180)، لتحلّ محل كوريا الشمالية، التي كانت في هذه المرتبة في السنتين السابقتين.

ونددت المنظمة غير الحكومية خصوصاً “بغياب واضح للإرادة السياسية من جانب المجتمع الدولي لإنفاذ المبادئ المتعلقة بحماية الصحافيين"، مشيرة إلى أن “الجيش الإسرائيلي قتل أكثر من 100 صحافي فلسطيني، علماً أن 22 منهم على الأقل لقوا حتفهم بإطار قيامهم بعملهم".

وعلى نطاق أوسع، يظهر تقرير العام 2024 حماية أقل للصحافيين من جانب الدول، لا بل إن بعضها يضطلع بدور نشط في التضليل، كما لاحظت المنظمة "تدهوراً مقلقاً في دعم واحترام استقلالية وسائل الإعلام"، في حين أن "عام 2024 هو أكبر عام انتخابي في التاريخ على صعيد العالم، فنصف سكان العالم تقريباً معنيون باستحقاق انتخابي من الهند إلى الولايات المتحدة، مروراً بانتخابات أوروبية، فيما يسجل "ارتفاع في الضغوط التي تمارسها الدول أو الجهات السياسية الفاعلة الأخرى على مهنة الصحافة وأهلها".
المصدر:الصحيفة المغربية

 

إضافة تعليق جديد